تحليل المخاطر وطرقه وأهدافه

كتابة : بكه

19 أغسطس 2024

تواجه كل مؤسسة مجموعة مختلفة من المخاطر التي تهدد استمرار عملياتها والحفاظ على استقرارها وبقائها في ركب المنافسة، الأمر الذي يفرض على المؤسسات ضرورة تحديد تلك المخاطر وإدارتها، ويُعد تحليل المخاطر جزءًا أساسيًا من عملية إدارة المخاطر لأنه يوفر مجموعة من المعلومات التي تُستخدم في اتخاذ قرارات مستنيرة من خلال فهم جميع النتائج المحتملة، ووضع الخطة اللازمة للتخفيف من أي مخاطر قد تواجهها المؤسسة، وفي سطور هذا المقال نوضح ما هو تحليل المخاطر وأهميته وأهدافه، وطرق تحليل المخاطر.

تحليل المخاطر:

يشير مصطلح تحليل المخاطر إلى العملية المنهجية التي تنفذها المؤسسة من أجل تقييم المخاطر المُحتملة وتحديد مستوى كل خطر، ومن ثم تصنيف المخاطر قبل أن تتفاقم وتؤدي إلى وقوع أحداث عالية الخطورة تضر بعمليات المؤسسة أو مشاريعها الحاسمة، إذ توفر هذه العملية المعلومات التي تستند إليها المؤسسة في إعطاء الأولوية للمخاطر بناءً على احتمالية حدوثها وشدة تأثيرها، ومن ثم تضع التدابير اللازمة لإدارة تلك المخاطر.

وتنفذ المؤسسات في مختلف الصناعات والقطاعات عملية تحليل المخاطر لضمان توفير الحماية اللازمة لجميع جوانب الأعمال من التهديدات المحتملة، لذلك لا بد من تنفيذ هذه العملية بشكل منتظم من أجل تقليل فرص تعرض الأعمال التجارية لأحداث غير متوقعة.

وعلى الرغم من الصعوبة النوعية في تنفيذ عملية تحليل المخاطر لأنها تتطلب استخدام معلومات تفصيلية مثل البيانات المالية وبروتوكولات الأمان وتوقعات التسويق؛ إلا أن الفوائد المتعددة التي توفرها ومنها حماية السمعة وتوفير الوقت والمال، يجعلها عملية أساسية لا غنى عنها في إطار تنفيذ العملية الشاملة لإدارة المخاطر.

طرق تحليل المخاطر:

هناك العديد من الطرق التي يمكن الاستعانة بأي منها في تحليل المخاطر، وأبرزها ما يلي:

1- تحليل ربطة العنق

تُعد طريقة تحليل ربطة العنق من أبرز أدوات تحليل المخاطر، وهي عبارة عن أداة بصرية تستعين بها المؤسسات في معرفة مسببات المخاطر والعمل على إدارتها وتقليلها، فضلًا عن تحديد عواقب تلك المخاطر وربطها من خلال سيناريوهات المخاطر.

وتنطوي هذه الطريقة على القيام بعدة خطوات وهي:

  • تحديد الخطر المركزي المُراد تحليله، وهو الحدث في منتصف ربطة العنق والذي قد يؤثر سلبًا على المؤسسة.
  • تحديد جميع العوامل التي قد تؤدي إلى حدوث الخطر المركزي والتي تُسمى التهديدات.
  • تحديد جميع العواقب المحتملة المباشرة وغير المباشرة التي قد تنتج عن وقوع الخطر المركزي.
  • وضع التدابير التي تقضي على سبب وقوع المخاطر أو تقلل من احتمالية حدوث المخاطر.

وتفيد طريقة تحليل ربطة العنق في تصور سيناريوهات المخاطر المعقدة بوضوح ومن ثم منع حدوث المخاطر أو التقليل من آثارها إذا حدثت وإدارتها بشكل استباقي.

2- مصفوفة تحليل المخاطر

مصفوفة تحليل المخاطر هي أداة بصرية تُستخدم بشكل أساسي في تصنيف المخاطر، إذ تقوم بتقييم المخاطر المُحتملة بناءً على مدى احتمالية حدوثها ومدى ضررها ومن ثم تحدد أولوياتها.

وفي هذه المصفوفة، يوجد محورين لتصنيف المخاطر، يتضمن الأول احتمالية حدوث الخطر، بينما يتضمن الثاني شدة تأثير الخطر في حال وقوعه، وفي كل خلية بالمصفوفة يوجد سيناريو مخاطر محدد ويتم تحديد مستوى مخاطر مناظر بناءً على تقاطع الاحتمال والشدة، وتستعين المؤسسة بهذه الطريقة من أجل وضع خطة تقلل من تداعيات المخاطر أو فرص وقوعها.

3- تحليل SWIFT

تشير كلمة SWIFT إلى التقنية التي تعتمد على طرح سؤال ماذا لو (What-If-Technique)، وهي طريقة تعتمد على تحليل المخاطر باستخدام جلسات العصف الذهني المنظمة للتنبؤ بالأحداث التي قد تقع في سيناريوهات معينة، لذلك تُستخدم هذه الطريقة في أولى مراحل التخطيط للمشاريع، إذ يتم استخدام أسئلة ماذا لو في تقييم كيفية تأثر المشروع المُحتمل بالتغييرات في التصميم أو الخطة التي جرى تنفيذها حديثًا.

ويتم إجراء تحليل SWIFT باتباع الخطوات التالية:

  • تحديد نطاق التحليل أي العملية أو النظام المُراد فحصه، ثم وضع حدود لما سيتم إدراجه في التحليل.
  • الحصول على وجهات نظر متنوعة لتحديد مجموعة واسعة من القضايا المحتملة، عن طريق تجميع فريق ذوي تخصصات متعددة ذات صلة بالمجال المُراد تحليل موضوعه.
  • إجراء جلسات منظمة للعصف الذهني للتنبؤ بالمشكلات المحتملة وسيناريوهات ماذا لو.
  • تحديد المخاطر المُحتملة وأسباب وقوعها وعواقبها.
  • وضع الاستراتيجيات التي تساعد على إدارة تلك المخاطر من خلال القضاء عليها أو التقليل من آثارها.

4- تحليل Delphi

تعتمد تقنية دلفي على إنشاء فريق من المحللين والأخصائيين في إدارة المخاطر والحصول على آرائهم طوال عملية إدارة مخاطر موضوع ما، ومن ثم يتم تحديد المخاطر المُحتملة وتقييمها وتحليلها بشكل فردي، ثم يتم إنشاء سجلًا للمخاطر يتضمن جميع المخاطر والعواقب المحتملة، والاستراتيجيات التي تساعد على إدارة تلك المخاطر.

5- تحليل شجرة القرار

هذه الطريقة عبارة عن تمثيل بياني يحتوي على القرارات وعواقبها المُحتملة، ومن خلالها تحدد المؤسسة مختلف الخيارات المتاحة بطريقة منهجية وتتعرف على نتائج كل خيار، وهو ما يساعدها على اتخاذ قرارات مستنيرة والتي توفر أعلى احتمالية للنجاح وفقًا للمخاطر المُحتملة.

وتستفيد المؤسسات من تحليل شجرة القرار عندما تحتاج إلى اتخاذ قرارًا معقدًا في ظل تعدد الخيارات وعدم التأكد من النتائج، إذ يتم تحديد القرار الواجب اتخاذه وبدائله الممكنة ولكل بديل النتائج المُحتملة، ثم رسم شجرة القرار لتمثيل نقاط القرار، وفي النهاية يتم تحليل واختيار المسار الأفضل.

6- مصفوفة الاحتمالات والنتائج

في هذه الطريقة التي تُسمى أيضًا تحليل المخاطر النوعي، تقوم المؤسسة بإجراء تحليل نوعي للمخاطر من أجل تقييم شدتها على جميع مستويات المؤسسة، إذ يتم حساب التأثير المحتمل للمخاطر المختلفة ومن ثم ترتيب شدتها، وبالتالي يمكن تحديد العوامل الرئيسية المساهمة في كل خطر محتمل.

وتُنفذ هذه الطريقة في المراحل الأولى من المشاريع أو في حال وجود نقص في البيانات الكمية، ومن خلالها يتم تصنيف المخاطر إلى مستويات: عالية، متوسطة، منخفضة، حتى تحدد المؤسسة المخاطر التي تتطلب اهتمامًا فوريًا ومن ثم تبدأ في تخصيص الموارد لها.

أهمية تحليل المخاطر:

تُعد عملية تحليل المخاطر حلقة مهمة من العملية الشاملة لإدارة المخاطر، إذ لن تتمكن أية مؤسسة من إدارة مخاطرها دون تنفيذ هذه العملية والتي تحقق مجموعة من الفوائد نبرزها فيما يلي:

1- تحسين صورة العلامة التجارية

تستفيد المؤسسات من تنفيذ عملية تحليل المخاطر في تحسين صورة علاماتها التجارية، فعندما تقوم المؤسسة بتحليل المخاطر المُحتملة؛ فهي بذلك تتأكد من صحة وقانونية عملياتها واتخاذها التدابير اللازمة التي تمنع من وقوع أية حوادث تضر بسمعتها.

2- توفير المال

تساعد عملية تحليل المخاطر في التأكد من سير كل جانب من جوانب المؤسسة ماليًا وبيئيًا بسلاسة، وبالتالي لا تحتاج المؤسسة إلى موارد مالية ضخمة من أجل حل المشكلات والاستجابة لمختلف المخاطر، وهو ما ينتج عنه توفير الكثير من التكاليف.

3- تعزيز الاستعداد للمخاطر

عندما تنفذ المؤسسة عملية تحليل المخاطر في جميع إدارتها وأقسامها؛ فهي بذلك تنجح في إدارة المخاطر المُحتملة وأيضًا إدارة جميع الأقسام بشكل استباقي، وهو ما يعزز من استعدادها لأي خطر قد يظهر، لأن المؤسسة تستفيد من نتائج هذه العملية في صياغة خطط لكل قسم أو عملية في حالة حدوث تهديد.

4- زيادة الوعي في مكان العمل

تلعب عملية تحليل المخاطر دورًا بارزًا في زيادة وعي الموظفين وصناع القرار وأصحاب المصلحة بالمخاطر المُحتملة في مكان العمل، إذ يتم تحليل كل خطر بشكل استباقي، ثم تزويد جميع من بالمؤسسة بالمعلومات اللازمة لتجنب السيناريوهات الخطيرة، ومن ثم تتخذ المؤسسة التدابير التي تقلل من حدة تلك المخاطر.

5- ضمان الامتثال القانوني 

تُعد عملية تحليل المخاطر وسيلة فعالة تضمن امتثال المؤسسة قانونيًا بالأنظمة والمعايير الصناعية ذات الصلة، إذ تكشف عن الممارسات التي يمكن أن تؤثر بالسلب على عمليات المؤسسة، وبالتالي تسمح بوضع الاستراتيجيات والتدابير اللازمة للحماية منها، وهو ما يقلل من احتمال وجود قضايا قانونية.

6- تقليل الحوادث في مكان العمل

من خلال تنفيذ عملية تحليل المخاطر ضمن العملية الشاملة لإدارة المخاطر، تتمكن المؤسسة من تقليل الحوادث في مكان العمل، لأن هذه العملية تنطوي على فحص مكان العمل بعناية ودقة، واتخاذ الإجراءات التي تساعد على التقليل من المخاطر التي تقع فيه، وهو ما يعزز من سمعة المؤسسة من حيث حرصها على رعاية موظفيها.

7- وضع الميزانية المناسبة

يستفيد المهنيون من عملية تحليل المخاطر في اكتساب رؤى حول الميزانية المناسبة الواجب تخصيصها من أجل إدارة المخاطر وتقليل فرص وقوعها أو شدة تأثيرها، وبالتالي تتمكن المؤسسة من إجراء عمليات شراء مستنيرة مثل البرامج المُحدثة أو تحسين تدابير الأمان.

8- تحسين صنع القرار

ينتج عن تحليل المخاطر تحديد المخاطر المحتملة وتأثيرها المحتمل، وبالتالي يتمكن صناع القرار بالمؤسسة من اتخاذ أفضل القرارات حول استراتيجيات إدارة المخاطر وتخصيص الموارد اللازمة، وهو ما يعزز من عائدات الاستثمار إلى أقصى حد.

9- تعزيز ثقة أصحاب المصلحة

تساهم عملية تحليل المخاطر في بناء الثقة والمصداقية بين أصحاب المصلحة من الموظفين والعملاء والموردين والمستثمرين، لأن هذه العملية تركز على تحديد المخاطر وتحليلها ومعالجتها، وهو ما يؤدي في النهاية إلى زيادة الولاء تجاه المؤسسة والثقة بها.

10- التخصيص الفعال للموارد

عندما تضع المؤسسات يدها على المخاطر المحتملة وعواقبها من خلال عملية تحليل المخاطر، تستطيع تخصيص الموارد اللازمة لإدارة تلك المخاطر بشكل فعال، مع التركيز على المخاطر الأكثر إلحاحًا من حيث احتمالية الحدوث وشدة التأثير.

أهداف تحليل المخاطر:

من خلال فوائد عملية تحليل المخاطر التي ذكرناها سابقًا، يمكن استنتاج أهداف تحليل المخاطر وإبرازها عبر الآتي:

  • تقوم المؤسسات بتحليل المخاطر من أجل التعرف على المخاطر التي قد تواجهها في مختلف عمليات الأعمال والمشاريع والبيئات.
  • تستخدم المؤسسات نتائج تحليل المخاطر في وضع الاستراتيجيات اللازمة للتخفيف من المخاطر المُحددة.
  • تقييم أثر المخاطر المُحتملة وتحليل العواقب المحتملة لمختلف التهديدات، ومن ثم إعطاء الأولوية لكل خطر على أساس احتمالية حدوثه وشدة تأثيره.
  • الفهم الدقيق لجميع الإجراءات والقرارات المتاحة والآثار المُحتملة من أجل إدارة المخاطر بشكل أفضل.
  • الحماية من أضرار مختلف المخاطر للحفاظ على الأصول المادية والمالية والبشرية للمؤسسات.

 

تتيح لك بكه للتعليم فرصة تطوير مهاراتك وخبراتك في إدارة المخاطر، عبر الدورات التدريبية المتاحة والتي يمكنك التسجيل فيها على الفور والاستفادة منها في تأهيل ذاتك للاختبار والحصول على شهادة معتمدة، وتشمل تلك الدورات ما يلي:

الخاتمة:

تحليل المخاطر هو عملية منهجية تقوم بها المؤسسات لتقييم وتحديد المخاطر المحتملة وتصنيفها بناءً على شدتها واحتمالية حدوثها. هذه العملية تُمكّن المؤسسة من وضع استراتيجيات فعّالة لإدارة المخاطر وتقليل تأثيرها، مما يساهم في حماية العمليات الحيوية والحفاظ على استقرار المؤسسة.

تتنوع طرق تحليل المخاطر وتشمل أدوات مثل مصفوفة تحليل المخاطر وتحليل ربطة العنق، وكل منها يساهم في فهم أفضل للمخاطر ووضع خطط للتعامل معها بشكل استباقي. الهدف الأساسي من هذه العملية هو تعزيز الاستعداد للمخاطر، تحسين صنع القرار، وضمان الامتثال القانوني، مما يعزز من ثقة أصحاب المصلحة ويحسن من كفاءة تخصيص الموارد.

وختامًا، فإن التحليل الدقيق للمخاطر التي قد تواجهها المؤسسة، يحميها من تكبد خسائر فادحة في حال وقوع تلك المخاطر، ويحافظ على سمعتها ويبقيها قادرة على المنافسة.

واتساب