المخاطر المتأصلة وأنواعها وأمثلة عليها وخطوات تحديدها

كتابة : بكه

19 أغسطس 2024

تُعد إدارة المخاطر من العوامل المساهمة بشكل أساسي في استقرار الشركات وبقائها قادرة على المنافسة في السوق، وحتى تنجح كل شركة في إدارة المخاطر المُحتملة على النحو الأمثل؛ يتعين عليها معرفة جميع أنواع المخاطر وتحليلها ووضع الاستراتيجيات التي تقلل من فرص حدوثها أو من تأثيراتها السلبية، وتواجه جميع الشركات في جميع الصناعات المخاطر المتأصلة والتي يُعد فهمها أمرًا في غاية الأهمية لأن على أساسها تُبنى أنظمة رقابة داخلية تبقي مخاطر الشركة عند مستويات مقبولة، لذلك نوضح في هذا المقال ما هي المخاطر المتأصلة وأنواعها وآثارها السلبية وأمثلة عليها وخطوات تحديدها وإدارتها.

ما هي المخاطر المتأصلة:

تشير المخاطر المتأصلة أو المخاطر الكامنة إلى التهديدات التي تواجهها الشركات في شكلها الأولي دون معالجة ودون أن تتخذ حيالها أية تدابير تساعد على السيطرة عليها وإدارتها وتقليل فرص حدوثها أو تأثيرها، وتختلف العوامل المساهمة في حدوث المخاطر المتأصلة باختلاف نوع الصناعة أو المجال، إذ تتعدد ما بين الامتثال التنظيمي والتغيرات التكنولوجية وتقلب السوق والأخطاء التشغيلية والعوامل الخارجية الخارجة عن سيطرة الشركة.

وتواجه الشركات صعوبة في تصور المخاطر المتأصلة نظرًا لصعوبة تصور سيناريو دون ضوابط للمخاطر المُحتملة، ولكن بعض الشركات لديها مستوى معين من الضوابط الموجودة بالفعل، وبالتالي تصبح أكثر استعدادًا لمعالجة ديناميكيات السوق المتطورة، وتحويل المخاطر إلى ميزة استراتيجية، عندما تعمل برؤية واضحة لمواجهة تلك المخاطر.

وتتمثل العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى خلق المخاطر المتأصلة فيما يلي:

نوع العمل

يشير نوع العمل إلى الطريقة التي تتبعها الشركة في تنفيذ عملياتها التجارية اليومية وقدرتها على التعامل مع البيئة الديناميكية، فكلما كانت الشركة عاجزة عن التكيف مع تلك البيئة ومع العوامل الخارجية؛ ازدادت فرص حدوث المخاطر المتأصلة.

معالجة البيانات

وهي قدرة الشركة على تحويل البيانات الأولية إلى معلومات قابلة للاستخدام عن طريق التكنولوجيا وأجهزة الكمبيوتر، إذ تزداد المخاطر المتأصلة إذا كانت البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات التي تستخدمها الشركة في تحليل البيانات ضعيفة.

مستوى التعقيد

يزداد مقدار المخاطر المتأصلة إذا كانت الشركة تقوم بتنفيذ أعمالها وعملياتها المعقدة بصورة غير صحيحة، وهو الأمر الذي يحدث لدى الشركات التي تنفذ عمليات على قدر معين من التعقيد.

سوء الإدارة

يؤدي سوء الإدارة إلى زيادة فرص حدوث المخاطر المتأصلة، وقد يشمل هذا السوء عدم إشراك القيادة والإغفال عن الإجراءات اليومية للموظفين وتفويت الأخطاء الكبيرة الناتجة عن التنفيذ العام للأعمال.

عدم نزاهة الإدارة

من أكثر العوامل المساهمة في حدوث المخاطر المتأصلة، اتباع الإدارة العليا للشركة ممارسات تجارية غير أخلاقية تضر بسمعة الشركة وقدرتها على الوفاء بالتزامات الامتثال التنظيمي.

عدم دقة عمليات التدقيق

تنشأ المخاطر المتأصلة نتيجة عدم دقة عمليات التدقيق أو عدم كفايتها أو تمييزها أو تجاهلها عن قصد الأخطاء الخطيرة، وهو ما يؤدي إلى وقوع مشكلات كبيرة بصورة متكررة.

أنواع المخاطر المتأصلة:

تتعدد أنواع المخاطر المتأصلة والتي تواجهها الشركات في جميع الصناعات، وتشمل ما يلي:

1- المخاطر المالية

تشير المخاطر المالية إلى التهديدات التي تواجهها الشركات والتي تؤثر سلبًا على وضعها المالي نتيجة عدة عوامل مثل الركود الاقتصادي وتغير أسعار الصرف وتقلبات أسعار الفائدة وعدم توفر السيولة الكافية وعدم قدرة المقترضين على سداد ديونهم.

2- المخاطر التشغيلية

تنشأ المخاطر التشغيلية نتيجة فشل الشركة في تنفيذ عملياتها الداخلية على النحو الأمثل، وذلك بسبب وجود أخطاء بشرية أو عدم تنفيذ العمليات بكفاءة أو وجود أعطال تقنية أو عدم امتلاك الشركة الموارد الكافية لإتمام عملياتها اليومية، وهو ما يؤثر في النهاية على إنتاجية الشركة وسمعتها في السوق.

3- المخاطر الاستراتيجية

تحدث المخاطر الاستراتيجية نتيجة فشل الشركة في تنفيذ الاستراتيجيات التي تواكب مشهد الأعمال ذو التغييرات المستمرة، فقد تتخذ الشركة قرارات استراتيجية خاطئة أو تفشل في التكيف مع تغيرات السوق أو قد يظهر منافس جديد يهدد مكانتها في السوق.

4- المخاطر القانونية والتنظيمية

تتعرض الشركة للمخاطر القانونية والتنظيمية نتيجة عدم امتثالها للوائح والقوانين والأنظمة المعمول بها، أو بسبب التغييرات التي تحدث في اللوائح الحكومية والتشريعات وعدم التزام الشركات بها، وهو ما يؤدي إلى توقيع غرامات قانونية ومالية عليها تؤثر سلبًا على وضعها المالي وسمعتها في السوق.

5- مخاطر السوق

تشير مخاطر السوق إلى العوامل التي تشكل خطورة على قدرة الشركة على مواكبة تغييرات السوق، مثل التغيرات التي تطرأ على تفضيلات وسلوكيات المستهلكين، وتقلبات السوق، وتغيرات الطلب على المنتجات أو الخدمات التي تطرحها في السوق.

6- المخاطر التكنولوجية

تواجه الشركات مخاطر تكنولوجية تهدد استمرارها في ركب المنافسة، فقد تنشأ تلك المخاطر نتيجة تعرض أنظمة الشركة للهجمات الإلكترونية وسرقة بياناتها وبيانات عملائها، وكذلك عدم مواكبة الشركة التغيرات التكنولوجية المستمرة، وتقديم الشركات المنافسة منتجات وخدمات مزودة بابتكارات تكنولوجية تضعف من قدرة الشركة على منافستها.

أمثلة على المخاطر المتأصلة:

فيما يلي بعض الأمثلة الواقعية عن المخاطر المتأصلة التي تعرضت لها مختلف الشركات خلال فترات سابقة:

مثال 1: 

شهد عام 2012، إعلان شركة كوداك إفلاسها نتيجة خسارة مكانتها في السوق وفشلها في التكيف مع التغيرات التي شهدها مجال التصوير وتحوله بالكامل إلى التصوير الرقمي.

مثال 2

في عام 2018، تعرضت شركة فيس بوك لمشكلة كبيرة عُُرفت آنذاك باسم فضيحة كامبريدج أناليتيكا، إذ انتهكت شركة كامبريدج قوانين حماية البيانات والخصوصية وجمع بيانات ملايين المستخدمين دون موافقتهم، وهو ما أدى إلى فرض غرامات ضخمة على شركة فيس بوك.

مثال 3

في عام 2018، أُصيب نظام الكمبيوتر الخاص بشركة الخطوط الجوية البريطانية British Airways بعطل أدى إلى تأخير عدد كبير من الرحلات وإلغاء الكثير منها، وهو ما آثار استياء عملاء الشركة.

خطوات تحديد وإدارة المخاطر المتأصلة:

يتعين على الشركات تنفيذ مجموعة من الخطوات التي تمكنها من تحديد وإدارة المخاطر المتأصلة للوقاية من تداعياتها، وتشمل تلك الخطوات ما يلي:

1- تحديد المخاطر المتأصلة

في البداية، لا بد من التعرف على المخاطر المتأصلة التي قد تواجهها الشركة من أجل تحديد أولوياتها، وذلك عن طريق القيام بالآتي:

  • تحليل العمليات والأنشطة التي تنفذها الشركة من أجل معرفة المخاطر الناتجة عنها.
  • استخدام أدوات مثل جلسات العصف الذهني والقوائم المرجعية وتحليل السيناريو وغيرها، من أجل جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول المخاطر المُحتملة.
  • عقد اجتماعات ومقابلات مع أصحاب المصلحة من العاملين بالشركة والمنظمين والموردين، وسؤالهم حول المخاطر المُحتملة والأخطاء التي يمكن أن تحدث عند تنفيذ العمليات.
  • مراجعة البيانات التاريخية والتي تتضمن المخاطر التي تعرضت لها الشركة في الماضي وكيف تعاملت معها وكيف أثرت عليها.

2- تقييم المخاطر المتأصلة

بعد الانتهاء من تحديد المخاطر المتأصلة المُحتملة؛ لا بد من تقييم تلك المخاطر، إذ تنطوي هذه الخطوة على إعطاء الأولوية لكل خطر وتخصيص الموارد له بناءً على فرص حدوثه وشدة تأثيره.

وهناك عدة أدوات يمكن استخدامها في مرحلة تقييم المخاطر المتأصلة مثل تحليل SWOT وتحليل PESTEL، والتي تسمح بتقييم كل خطر ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة التي تقلل من مستواه إلى أدنى حد ممكن.

3- إدارة المخاطر المتأصلة

بعد تحديد وتقييم المخاطر المتأصلة؛ تبدأ الشركة في الاستجابة لها والتخفيف منها بتنفيذ واحدًا من الإجراءات التالية:

  • قبول المخاطر: أي قبول المخاطر المتأصلة كجزء من العمليات العادية وعدم القيام بأي شيء حيالها، وذلك إذا كانت الشركة قادرة على تحملها.
  • تجنب المخاطر: عن طريق عدم القيام بأي أنشطة يمكن أن تعرض الشركة لتلك المخاطر، على أن تكون الشركة قادرة على تحمل خسائر الفوائد التي تجلبها تلك الأنشطة.
  • تقليل المخاطر: في هذه الاستراتيجية تستخدم الشركة مجموعة من الضوابط التي تقلل من احتمالية حدوث الخطر أو تأثيره.
  • نقل المخاطر: أي يتم نقل المخاطر المتأصلة إلى طرف ثالث يشارك الشركة في تحمل تداعياتها السلبية، ويُعد التأمين هو أكثر أشكال هذه الاستراتيجية شيوعًا.

4- مراقبة المخاطر المتأصلة

بعد تنفيذ الخطوات السابقة، تقوم الشركة بمراقبة المخاطر المتأصلة والإجراءات المُتخذة حيالها بصورة مستمرة، من أجل رصد أية تغييرات في تأثيرها وللتأكد من فعالية الاستراتيجيات المُتبعة لإدارتها، حتى يتسنى للشركة إجراء أية تعديلات أو تحديثات عليها وفقًا للتغييرات في المخاطر أو في ظروف البيئة.

5- إبلاغ النتائج

يتعين على قسم إدارة المخاطر داخل الشركة، إعداد تقارير دورية حول حالة المخاطر وإجراءات إدارتها، ورفعها إلى الإدارة العليا للشركة من أجل إشراك القيادة في هذه العملية.

 

يمكن للمبتدئين والمحترفين في إدارة المخاطر الاستفادة من الدورات التدريبية التي تقدمها بكه للتعليم في هذا المجال، والتي تُعد بمثابة خير إعداد للمتدرب لاجتياز الاختبار والحصول على شهادات مهنية مُعتمدة تعزز من فرص عثوره على أفضل الوظائف، وتشمل تلك الدورات ما يلي:

الخاتمة:

المخاطر المتأصلة هي التهديدات التي تواجه الشركات في حالتها الأولية قبل اتخاذ أي تدابير للسيطرة عليها، وتشمل عدة أنواع مثل المخاطر المالية، التشغيلية، الاستراتيجية، القانونية، والتكنولوجية. لفهمها وإدارتها، يجب على الشركات تحديد هذه المخاطر من خلال تحليل الأنشطة والبيانات، تقييمها بناءً على شدة تأثيرها، ثم إدارة هذه المخاطر بطرق مثل تجنبها أو تقليلها، وأخيرًا مراقبتها باستمرار وإبلاغ الإدارة العليا بالنتائج لضمان استجابة فعالة وتحسين استراتيجيات المواجهة.

وختامًا، فإن الإدارة الفعالة للمخاطر المُحتملة تمكن أي مؤسسة من حماية عملياتها ووضعها المالي والقانوني، وهو ما يحافظ على سمعتها ويبقيها قادرة على المنافسة.

واتساب